اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 426
لآلهتنا وأصنامنا ما عَبَدْنا البتة مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ لا نَحْنُ وَلا آباؤُنا إذ مراده مقضي حتما وحكمه مبرم جزما وَايضا لا حَرَّمْنا نحن ولا آباؤنا من البحائر وغيرها مِنْ دُونِهِ وبلا رضاه وبدون اذنه ومشيته مِنْ شَيْءٍ إذ لا يعارض فعله وحكمه هذا صورة احتجاجهم واستدلالهم على سبيل التهكم والاستهزاء والمراء كَذلِكَ اى مثل استدلال هؤلاء الطغاة الغواة الهالكين في تيه الغفلة والعناد قد فَعَلَ الَّذِينَ خلوا مِنْ قَبْلِهِمْ هكذا متهكمين مستهزئين فأرسل الله عليهم رسلا فكذبوهم وأنكروا عليهم فاخذهم الله بذنوبهم فاهلكهم بأنواع العذاب والعقاب لان ارادة الله لم يتعلق بايمانهم وهدايتهم فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ وما عليهم وليس لهم إِلَّا الْبَلاغُ وتبليغ ما أرسلوا به الْمُبِينُ على وجه الوضوح والتبيين لئلا يبقى لهم شك وتردد في سماعه واما قبولهم واتصافهم به وهدايتهم بسببه فأمر قد استأثر الله به ليس لهم ان يخوضوا فيه إذ هو خارج عن وسعهم متعال عن طاقتهم
ثم فصل سبحانه ما أجمل بقوله وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ من الأمم الهالكة السالفة حين اختل امور دينهم رَسُولًا منهم قائلا لهم أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ المتصف بالوحدانية والفردانية المستقل بالوجود والآثار المترتبة عليه المنزه عن الشريك والأشباه والأمثال مطلقا وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ اى الالهة المضلة التي أنتم تتخذونها من تلقاء انفسكم ظلما وزورا وتعبدونها كعبادة الله عنادا واستكبارا ثم لما بلغهم الرسول جميع ما جاء به من عندنا فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ بان أراد هدايته فهداه وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ قد استمرت وثبتت عَلَيْهِ الضَّلالَةُ وتمرنت بقلبه لتعلق مشية الله بغوايته وضلاله وان ترددتم فيه فَسِيرُوا ايها الشاكون المترددون فِي الْأَرْضِ التي هي مساكنهم ومنازلهم فَانْظُرُوا واعتبروا من آثارهم واطلالهم وتفرسوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ المستهزئين للرسل والكتب
إِنْ تَحْرِصْ يا أكمل الرسل أنت عَلى هُداهُمْ وتريد هدايتهم مبالغة مع انك لا تهدى من أحببت فَإِنَّ اللَّهَ الهادي الحكيم لعباده بمقتضى علمه باستعداداتهم لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ اى لا يريد هداية من أراد ضلاله في سابق علمه ولوح قضائه وَما لَهُمْ بعد ما أراد الله ضلالهم مِنْ ناصِرِينَ ينصرونهم على الهداية ويشفعون لهم حتى ينقذوهم عن الضلال فأنت ايضا يا أكمل الرسل لا تتعب نفسك عليهم حسرات
وَمن خبث طينتهم وشدة بغضهم وضغينتهم قد أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ واغلظوا فيها قائلين مؤكدين مغلظين لا يَبْعَثُ اللَّهُ ولا يحيي مرة اخرى مَنْ يَمُوتُ ويزول الروح الحيواني عنهم.
ثم قال سبحانه ردا لهم وتخطئة على ابلغ وجه وآكده ايضا بَلى يبعثون إذ قد وعد الله البعث والحشر وَعْداً صدقا لازما عَلَيْهِ سبحانه انجاز عموم ما وعد حَقًّا حتما جزما ووفاء لوعده وإيفاء لحكمه مع انه القادر المقتدر بالقدرة الكاملة على كل ما دخل تحت حيطة ارادته ومشيته وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ حق قدره سبحانه وقدر قدرته وسطوته وبسطته
وانما ينجز سبحانه الوعد الموعود لِيُبَيِّنَ ويوضح لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ بل يستبعدونه ويستحيلونه وَايضا لِيَعْلَمَ وليميز المفسدون المسرفون الَّذِينَ كَفَرُوا له وأنكروا عليه عنادا ومكابرة أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ في إصرار عدم وقوعه وتكذيبه وكيف تستبعدون ايها المنكرون أمثال هذا عن كمال قدرتنا ووفور علمنا وارادتنا
مع انا إِنَّما قَوْلُنا وحكمنا حين تعلق ارادتنا لِشَيْءٍ اى لإظهار شيء من الأشياء
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 426